الأحد، 25 مارس 2012

الأماني المُعلّـقة ..!

,
.





عندما كانت الأمنيات - أمنياتنا - سلسة كالطفولة كان من السهل علينا أن نتخيل سلّم حبٍ صاعد إلى السماء نتسلقه كل ليلة ونتخيّر قبل ذلك بريق نجمةٍ نعلق عليها الأماني ونهبط نتضاحك حيث أرضُ البشر وكأنها لا تعنينا ، نتبادل ابتسامات تقول أن "الموعد غداً" ثم نفترق ..!


~*~


ثم تدور الدنيا وينكرنا اللقاء وتأتي ليلة شديدةُ القتامة شديدةُ الصمت شديدةُ البكاء ، ونتقابل في جوف الظلام تحدُّنا الرهبة من كل الجهات ونبحث عن نجمة أو بريقها فلا نجد ، نلتصق بنا ونبحث في قلوبنا عن البريق الذي اختفى ولا نفترق ..
ويأتينا صوتٌ من بعيد " النجوم انطفأت وهذا هو اللقاء الأخير "


~*~


كلُ الأماني الصامتة التي لا يعرفها أحد لو صعدتُ إلى السماء لوجدتٌها هناك ..
كل ليلة قبل أن أغمض عيني أتخيل البقعة الطيبة المعزولة عن العالم التي أخفت أسرارنا عن الدنيا ، أتخيلها وقد بادت ، ربما غادرت إلى أرض أخرى وربما استغلها أحدهم وبنى عليها مسكنه وربما اتخذها الأموات مقبرة لهم وربما بعد كل هذا الزمن لا زالت كما أفعل أنا " ننتظرك "


~*~


سامح الله الود القديم ، لو يعتقني فقط ، لو يسقطني من زمرة الأوفياء ، لو يعلقني بنجمة وينساني ، لو تخونني الذاكرة يوم واحد فقط ، لما كان البؤس حالي !


~*~


القبلة الأخيرة التي أودعتها قلبي ، والدمعة الأخيرة التي مسحتها من على وجهي بيد ترتجف ، والابتسامة الأخيرة التي ألحقتها بالوداع الميت ، والانكسار الأخير الذي تبع رحيلك ، والشهاب الساقط من السماء غير قريب ، هذا المشهد الأخير أُلملِمُه بحذر وكأني أخشى أن يبتلعني ثم أرفقه بالابتهالات إلى السماء ..
يا ربي هذه أمنية أخرى 
، أريدُ أن أنسى !



~*~


بالرغم من الأشجان التي تنامت في روحي منذ أن رحلتَ ، وبالرغم من شدة وطأة الفراق والكره الذي يأخذني على حين غرة تجاهك ، وبالرغم من الألم الذي يستغل وهني حين أشتاق إليك ، بالرغم من كل هذا أنا أسامحك ..
هه ، وكأنك تعرف !


~*~


الحنين يقتل ، والحزن يقتل ، والأماني العاجزة تقتل ، والبعد عنك يقتل ، ومع هذا ، أنا لا زلت حية !
الحُمق الذي يدفعني لانتظارك بذل يقتل أيضاً .. !


~*~


البقعة ذاتها التي ضمت الود القديم ، سأقصدها يوماً ما ، سأنتهي منك هناك ، سأترك أمنية واحدة ورائي : أن لا أراك أبداً ، ثم سأعلق لوحة كبيرة جداً وسأكتب عليها " أرض للحب ، وللبيع " وسأمضي ..
وقد لا أفعل أي من هذا ، ربما سأقصدها لأرتبها وأزيل ما علق بها من أذى السنين الراحلة وأجدد العهد بيننا ولن أمضي !


~*~


والأمنية ذاتها التي ما فتئتُ أعلقها على النجوم كل ليلة منذ رحيلك لا زلتُ حتى هذه الليلة أتمناها بذات الحزن وبذات الصدق وبذات العشق ، قلتَ لي في اللقاء الأخير أن الموعد الجنة ، وكانت هذه هي أمنيتي الأبدية التي لن تنطفئ كما انطفأ كل شيء " أن يجعل الله موعدنا الجنة "


~*~


يارب الأماني ...........


~*~ 




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

التعليق هنا