الجمعة، 9 مايو 2014

#مشاعر_خريجة




بداية المشهد الأول :"مقتبس من نص سابق"الطفلة الصغيرة يسألونها ماذا تريد أن تصبح لما تكبر ؟الطفلة الصغيرة ترتبك ، وترتجف والحلم في عينيها يلمع :- طبيبة


.،،.


بداية المشهد الثاني :

الحرم الجامعي مهول ، يخشع له الطموح ، الأفواج مرعبة ، كلها يحذوها الأمل للنجاح ، في نهاية السنة الشاقة ، نتنفس الصعداء لأن معدلاتنا كانت أعلى من 3.5 ، هذا يعني أننا سنستمر في الطب ولن نُطرد ..لحظة تفكر ، ثم تنهيد طويلة ، ونهمس بها بيننا دون أن يسمعها أحد "ياحظهم خريجات هذي السنة ، المشوار قدامنا طويييييل "

.،،.

بداية المشهد الثالث :

على استحياء تسأل :- أي قسم ؟بفخر أجيب :- طب تزم شفتيها وتقول بحسرة :- الله يعينك ، شبابك بيضيع ..

.،،.


من أين ابدأ ، على الرغم من جمال النهايات إلا أننا أحياناً نستصعب الكتابة عن الفرح ، نخشى أننا لا نليق ، ونخشى أننا نسقط سهواً بعض التفاصيل ، ولكني سأحاول موجزة أن أتحدث ، وجب علي أن أفعل ..!

.،،.

"وتخرجنا"يا الله ، يااااا الله ، كم كان يبدو الحلم بعيداً ، يسرق من صدورنا الأمل ، الليالي الطويلة التي تمر ونحن نحقن أجسادنا بالقهوة والسهر ، والكتب الثقيلة الي عبرت أدمغتنا المتورمة بكم المعلومات الهائل ، والبكاء اليائس حين يأتي الخوف ويسد منافذ التفاؤل ، كل هذا انتهى ، انتهى للأبد ..يا الله ، ياااا الله ، مضت سريعاً هذه الأيام ، وكأنها لم تكن ، انتقالنا من الجامعة للمستشفى كان سعادة قربتنا للحلم أكثر ، ثم عرفنا جيداً أن الحلم صعب جداً والعقبات كثيرة ، الرعب ، الرعب الذي عشناه كثيراً ، والفرح الذي عاشنا ، ورجفة الأقلام حين يقارب الوقت على الانتهاء والاجابات لم تكتمل ، ورجفة القلب حين معرفة الدكتور الذي سيختبرنا وسمعته تسبقه ، والمريض الذي يأتي ومرضه يكسره ويكون من نصيبنا أن يكون هو الاختبار ، والوجه المحتقن بالاهتراء حين الذهاب ، وبالنوم حين العودة ، والعزلة ، ونهايات الاسبوع الصاخبة التي لم تكن من نصيبنا كثيراً ، والملل من الوقت الفارغ والذي لم نتعرف عليه ، كل هذا ، كل هذا انتهى ..يا الله ، يااااا لله ..

.،،.

وجه أمي وهي تدعو لي برفق ، ورسائلها حين اتوسلها الدعاء ، والصدق في عينيها حين تقول توكلي ولن تحزني ، والأهل حين يعرفون أني أنهار يتعاملون معي كحالة نادرة من البؤس ، بحذر شديد يتناوبون على بث الأمل في صدري ، وينثفون التعاويذ من حولي ، "هانت ياهنوف ، هانت"

.،،.

لازلت أعاصر اللحظة حين دخلت بإرتباك اللحظة الأولى للجامعة ، ولا زلت استشعر كل يوم مضى من عمري وأنا أكتب واقرأ واذاكر واستمع واخطط واضع جداول لترتيب الوقت ثم امسحها في اليوم التالي لضيق الوقت ، واشتري كتباً ضخمة ثم لا أنهيها  ، وتحين اللحظة الحاسمة وأنا لست جاهزة بعد ، لطالما شعرت أني أذهب في كل مرة لساحة معركة وليس لاختبار دنيوي تافه ، لطالما سألت نفسي بغضب "ايش دخلك طب" ولوقت طويل جداً كرهتني لأني قررت لنفسي هذا المصير ..!

.،،.

وانتهى ، انتهى كل هذا  ، اللحظة التي انتظرتها ، التي حلمت بها ، التي تمنيتها بشغف ، اللحظة التي دعوت الله طويلاً أن يبلغني اياها ، بلغني اياها ..!يا الله ياربكة الفرح التي تضخمت في صدري واختنقت ، ورجفة الهيبة وأنا أهتف "والله على ما أقول شهيد" ودموع السنين الطويلة وهي تنساب على صدري أمي ويهتز لها جسدها ..يا الله ياضحكاتنا الصاخبة ، يافرحنا المجلجل ، يا فخرنا بنا حين عبرنا وقلوبنا ترقص في المسيرة ، في لحظتها شعرت بالسلام ، بالفخر ، بأني لم أندم ، وأني أستحق أن أفرح ، وأغني ، وأرقص ، وأنها ست سنوات مضت ، وتحقق الحلم ..!

.،،.

وفي النهاية ، ماذا أقول ، جفت الدمعات ورفعت الكلمات ، النهاية تصعب علينا حين تكون بمنتهى هذا الفرح ، الحمد لله على التمام ، الحمد لله على البلاغ ، هذا من فضل ربي أولاً وأخيراً ..اللهم استعملنا لطاعتك ، ولنشر رسالتك ، وباركنا ، وبارك لنا ، ووفقنا ، وسددنا ، واجعلنا اهلاً لحمل هذه المهمة العظيمة ، وكُن معنا يا الله ، كُن معنا ..

.،،.

شكراً لكل مريض ، سخر لنا وقته المملوء بالوهن لجعلنا أفضل ..شكراً لكل دكتور بذل جهده ليجعلنا طبيبات حريصات على حياة الناس وانكساراتهم ..شكراً لكل صديقاتي ، حين قال الناس "الطب صعب" كانوا هم النجاة ..شكراً لأهلي ، لأنهم كانوا اتساع صدري حين يضيق ..شكراً لأبي لأنه كان قوتي الحقيقية حين انهار ..شكراً لأمي لأنها كانت حياتي حين الاحتضار ..!

.،،.

نهاية المشهد الأول "المقتبس" :الطفلة الصغيرة -أنا- صارت طبيبة ..!

.،،.


نهاية المشهد الثاني :طالبات سنة أولى ، حين كنت استعد للنزول لأداء القسم ، سمعتهم يقولون بتنهيدة عميقة "ياحظهم خريجات 209 ، المشوار قدامنا طويييييل"


.،،.


نهاية المشهد الثالث :المرأة ذاتها ، حين لقاءنا القادم ، سأخبرها كم أنا ممتنة لها لأني حرصت أن أكون زاهية جداً وأن لا يضيع شبابي حتى ألقاها ، وأخبرها بذلك ، أن شبابي لم يضيع ، وأني تخرجت ..!

.،،.

الهنوف8-5-2014



الأربعاء، 27 فبراير 2013

المقال ..!


,
.

هذا هو المقال الفائز في مسابقة اليوم المهني الطبي لجامعة الدمام ..
المقال كان عن تجربتي في كلية الطب ..
شكراً للجميع ولله الحمد من قبل ومن بعد ..

,
.





[ ضوء أول ]
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة "
انتبه ، إلى الجنة ..

.~*~.

[ مشهد أول  ]
في المدرسة الابتدائية قررت المديرة عقد مقابلة مع الطالبة المثالية في الإذاعة الصباحية ، جاء أحد الاسئلة فضولياً  :
- ايش تبغين تصيرين لما تكبرين ؟
لحظة صمت ثم جاء جواب الطالبة بثقة :
- طبيبة ..
لحظة صمت أخرى ثم ضحك الكثير  !

.~*~.

الحلم الذي تبني صرح مجدكَ عليه يجب أن يكون منذ اللحظة الأولى حلماً جباراً وأساساته صلدة ، ويجب عليكَ أن تكون مكافحاً وأن تعرف جيداً أن المجد العظيم لا يأتي بسهولة ، عليكَ أن تجاهد لتحوز عليه ..
منذ اليوم الأول في كلية الطب وحتى هذه اللحظة حياتي تتغير كل يوم ، ومستوى تقبلي لهذه التغيرات ينضج كل يوم ، وطاقتي على التحمل تتمدد بشكل مهيب ، وصبري الذي لم أكن أملكه سابقاً أصبح أيوبياً الآن ..
أن تكون طالب طب يعني أن تبدأ يومك وتختمه بسباق محموم يهدأ ولا ينام ، يعني أن تكون مستعداً تماماً لكي تقضي ساعات طويلة أمام كتاب أو بحث ، وأحياناً تنام برفقته !
أن تكون طالب طب يعني أن تنذز حياتك للعطاء في كل المنعطفات ، أن تُقدِم دون أن تسأل وأن تكون روحك معطاءة مستعدة لأن تضحي بكل شيء لإسعاد الآخر بلا منّة ..
في اليوم الأول في كلية الطب لا زلتُ أذكر الخوف الذي تكوّن في قلبي آنذاك ، والسؤال الذي لم يفارقني بعد ذلك ولا زال يربكني حتى هذه اللحظة "هل ستكونين طبيبة ناجحة ؟ هل أنتِ قدها ؟ "
أنا أعرف جواب هذا السؤال الآن ، لأني قطعتُ شوطاً هائلاً ينضح بالتحديات والصعاب وتجاوزتها كلها بنجاح مرضي ، وكنتُ "قدها" ..
ليس بجهدي فقط ، بل بتوفيق الله أولاً وأخيراً ، كانت الأيام ثقيلة أحياناً ، وفشلتُ كثيراً ، ولكني قط لم استسلم ، في كل مرة أسقط بها كنتُ أنهض بعدها أقوى وأكثر قدرة على التحمل لأني أعلم أن الحلم الذي أسعى له حلم عظيم ويحتاج الكثير من الجهد والكفاح ، وكنتُ أتعلم من فشلي ، وكنتُ لا ايأس على الرغم من سهولة الطريق لذلك ، لم أيأس قط ..
عليكَ أن تخوض معركة تحقيق حلمك المجيد بالكثير من الصبر والتحدي ، الرحلة شاقة لا شك ، المعلومات كثيرة ، المصادر أكثر ، المذاكرة لا تنتهي ، الأيام تمضي دون إنجاز ، الوقت يضيق ، الإختبار تعجيزي ، الحياة تنحصر في ورقة وقلم ، الأصدقاء هناك تخرجوا وبدأوا بالعمل ، حديث الناس كثير وتثبيطهم أكثر ، الصحة في انحدار والإرهاق يتضخم والهالات السوداء كثيفة ، القائمة تطول ، وسؤال آخر ينبثق بالرغم من هذه الفوضى "أنا ليه دخلت طب ؟ "
عليكَ أن تجد الجواب المناسب لهذا السؤال دوماً ، عليكَ أن تقنع نفسك بنفسك بالجواب ، لن يساعدك أحد في هذا ، لن يهوّن عليك أحد غيرك ، عليكَ أن تكون مقتنعاً تماماً بالجواب "لأن هذا حلمي" ..
اليقين بأن الله معك ، يساعدك ، يمدك بالقوة ، يكتب لك الأجر ، ييسر لك ويوفقك ، الإيمان بهذا يجعلكَ تشعر بمدى قدرتك على المواصلة دون تذمر ، ويجعلكَ تبتسم حتى عندما تسقط ..!

.~*~.


[ مشهد ثاني  ]
هدوء تام في الممر الطويل ، الطبيب المراقب يعبر المكان برتابة ، طالبات الطب يجلسن خلف بعضهن متوترات لأن الاختبار المصيري سيبدأ بعد قليل ، فجأة خرج مريض كبير في السن من غرفته ، نظر للمكان بعين مترددة وفهم الوضع ثم بدأ يمشي في الممر بإتجاه الخارج وهو يردد بصوت عالي :
"الله يجزاكن الجنة يا بنياتي" ..
"الله يجزاكن الجنة يا بنياتي" ..
"الله يجزاكن الجنة يا بنياتي" ..
فجأة ، اختفى التوتر وهبط التوفيق من السماء ..!

.~*~.

أن تكون النور الذي يضيء الطريق ، أن تكون الأمل الذي يهزم الوجع ، أن تكون الملجأ -بعد الله- للمحتاج ، هذا هو الدافع ، العطاء هو الدافع ، أنتَ تتطلع للبذل ، للخير ، لإسعاد المريض الحزين ، أنتَ عظيم بروحك هذه ، لا تنسَ هذا ..
لا تستسلم عند العقبة الأولى ، وتذكر دوماً أن الذي جعل غيركَ يصل للقمة قادر أن يوصلك لما فوق القمة ، للسماء ، لا تهتم أبداً بتجربة المتحطم اليائس الذي كان لقمة سائغة للفشل ، كُن قوياً وضع نصب عينيك النجاحات الباهرة التي حققها غيرك ، هم استطاعوا إذن أنتَ تستطيع ..
كُن أنتَ الأمل ، كُن أنتَ الرجاء ، كُن أنتَ الذي لم يستطع غيرك أن يحققه ، وكُن أنت الشمس ولا تكتفِ بتخاذل النجوم أبداً ..
الطب حياة لو اخترتها عليكَ أن تكون مستعداً تماماً لأن تتعايش مع تقلباتها ومع تفاصيلها الدقيقة برضا ، عليكَ أن تحبها وتتصالح معها ، عليكَ أن تقدر هذه النعمة التي يريدها غيرك ولا تتيسر له ، وعليكَ أن تحتسب الأجر في كل خطوة ، وأن لا تستسلم مهما طال الطريق ، بل كُن واثقاً أنك في النهاية ستصل ..

.~*~.

[ مشهد أخير  ]
المادة صعبة ، اسئلة الاختبار جاءت من "المريخ" ، والنتيجة كانت "راسب" ..
للمرة الأولى في حياته المغمورة بالنجاح والتفوق يحصل له هذا ، ولأنه كان يعرف جيداً أنه بذل كل جهده فقد شعر بالظلم وأصيب بالحزن الشديد ..
الحزن الشديد كان الشرارة التي أوقدت في داخله التحدي ، وقرر أنه لن يجعل أي شيء يحطمه ويقف في طريقة وأنه لن يستسلم أبداً ..
بعد عشرة سنوات ، طالب الطب هذا أصبح طبيباً جباراً في ذات التخصص !

.~*~.

[ لافتة ]
الطالبة المثالية في المشهد الأول كانت أنا ..

.~*~.

[ ضوء أخير  ]
وتحسبُ أنكَ جرمٌ صغيرٌ                      وفيكَ انطوى العالمُ الأكبرُ ]]


.~*~.


..


الأربعاء، 7 نوفمبر 2012

أنتَ [ متميز] ..

,
.





في داخل كل منا مبدع متواري ، هذه حقيقة لا جدال فيها ، ولكن القمع والتجاهل 

والتهميش الذي نواجهه من المجتمع هو السبب الذي جعلنا بهذه البساطة , واستسلامنا 

أيضاً وتبني الإعتقاد الذي يتداولونه أننا ضعفاء وأننا جيل لا يصلح لشيء , هذا ما 

أوهننا !

ولكن تذكر , أنكَ متميز , كلنا كذلك , وإن كانت الطرق التي تجعلك كذلك بسيطة 

ومحدودة إلا أنك وبالرغم عن كل شيء/أحد متميز !



التميز فطرة ، وكلنا متميزون بطريقتنا الخاصة ، يكفي أنكَ لا تزيد هذا العالم الحزين 

سوءً ، هذا يجعلك متميز بطريقة طيّبة وبدون جهد ..



أنتَ متميز بابتسامتك , بطيبتك , بأخلاقك , بعلمك , بإهتمامك بكل العابرين في حياتك 

, بحرصك حتى هذه اللحظة على إسعاد غيرك ..

يوجد من لا يحرص إلى على سعادة نفسه  العالم المجنون مليئ بالأنانية !



أنتَ متميز لأنكَ تقاوم ، لأنكَ لا تستسلم ، لأنك تحاول وتحاول وتحاول ولا تهتم بالفشل 

واليأس , لأنكَ تريد أن تتقدم وتريد أن تبني لكَ مجداً يرفع من قدر نفسك ومن قدر 

وطنك ..

أنتَ متميز لأنكَ تقف في وجه الناس المحبطين وتخرس أفواههم بتفوقك ونجاحك !



أنت متميز بكل الأشياء البسيطة التي تزاولها يومياً دون وعي ، كأن تقبل رأس والدتك 

صباحاً وتطلبها أن تدعو لك , وأن تحضر القهوة لصديقك المشغول دون أن يطلبها , 

وأن تبتسم في وجه عامل النظافة المتعب , وأن تجد حلاً لمشكلة صديقك الآخر , وأن 

تذكر أخيك الصغير بحلوى ..



أنتَ متميز لأنك طيّب وتسامح وتنسى وتحب بصدق ..

أنتَ متميز لأنكَ لا تحقد ولا تكره ولا تضمر الشر للبشر ..

أنتَ متميز بـ"جيناتك" التي لا تشبه أحداً آخر على وجه هذه الأرض , وهذا يكفي !



أنتَ متميز قطعاً ولا جدال في هذا الأمر , فلا تستمع أبداً لأحاديث اليائسين ، هذا العالم 

كله قد يتغير بك ، نعم , يتغير بك , وبسببك , وبإرادتك وتصميمك ..

وتذكَّر لا شيء مستحيل أبداً ..









الخميس، 27 سبتمبر 2012

الإنسانية قبل كل شي ..


,
.


الدرس القاسي الذي تعلمته اليوم :

قبل أن تفكر في المريض بمهنية وبأن حالته مهمة ويجب عليك أن تتعلم منها عليك أن تفكر قبلاً بإنسانية وبأن هذا المريض المنكسر أمامك فقد أعز ما يملك , فقد صحته , وقد تتغير حياته للأبد بسبب هذا , فكر بتعاطف أولاً وقبل كل شي ..




يوم الأثنين :

الدكتورة حدثتنا عن حالة "مهمة" سنستفيد منها كثيراً وسنقوم بدراستها ومتابعتها وستقوم  هي بتقييمنا عليها لاحقاً فتوجهنا إلى غرفة المريض يملؤنا الحماس , وجدناه ممدد على سريره غارق في نوم أشبه ما يكون بالغيبوبة ولا يشعر بشي , سألنا أخوه عنه فقال لنا أنه كان ضحية حادث مروري هو وابنه , ولأنه كان خائف على ابنه وحاول أن يحميه بجسده فقد أصيب في رأسه بضربة أدت إلى انكسار الجمجمة , الموقف كان مؤثراً خصوصاً أنه حاول حماية ابنه ونجح في هذا وخرج ابنه من الحادث سليم معافى ..
تأثرتُ بالموقف لدقائق فقط ثم اندمجتُ في محاولة التعلم من شرح الدكتورة ومن آثار الحادث الواضحة على المريض وهكذا غاب فيني حس الإنسانية وأنا أنظر للمريض مجرد حالة مهمة لدراستي لا أكثر ..


الأربعاء :

عدنا إلى المريض لنكمل ما بدأنا ونسأل عن حالته ففوجئنا به عند دخولنا يجلس على كرسي متحرك !
ثم تحدث فصدمنا أكثر , آثار الحادث كانت تبدو واضحة على وجهه وعلى حديثه وعلى نظراته وعلى تصرفاته كلها , الرجل لم يعد كما كان , الكسر الذي في جمجمته أصاب جسده كله بالفتور وأثر في مخه وأعصابه , وقفنا أمامه جميعنا دون أن نستطيع أن نقول شيئاً , ماذا نقول ؟ نحن جئنا لنكمل تعلمنا عليك وعلى مصيبتك ؟ أم نحن جئنا لأننا نريد أن نسأل عن حالك الذي بدا جلياً أمامنا أنه ليس على ما يرام ؟ قلنا القليل من الجمل الباهتة , الحمد لله على سلامتك , كيفك اليوم يا عم ؟ جئنا نتطمن عليك , آسفين للإزعاج , مع السلامة ..
ثم خرجنا , ليس كما دخلنا ..
أنا أردتُ ان أبكي في وقتها لأن هذا المريض الذي كنا مهتمين به لنتعلم من علّته أفاق اليوم وهو ليس بخير , أفاق وهو يعتقد أنه لن يعود لحياته الطبيعية أبداً , أفاق وهو يائس ومحطم وحزين , لم أشعر بالخجل وقتها , شعرتُ بشيء أكبر ..

الدرس القاسي الذي تعملته اليوم جعلني أبحث عن إنسانيتي في داخلي طويلاً وأسأل نفسي لماذا كنتُ بهذه  التفاهة ؟ لماذا لم أشعر قليل من التعاطف ؟ ثم أصبتُ بالخوف عندما فكرتُ أنني قد أفقد إحساسي تماماً في السنوات القادمة بعد أن أرى الكثير من المرضى وبعد أن أعتاد على هذا فينضب في داخلي الإحساس , سأدعو الله كل ليلة أن لا أكون عديمة الإهتمام أبداً مهما طالت بي السنوات ومهما قابلت من المرضي والحالات ..

أنا موقنة أني لن أنسى هذا اليوم أبداً وسوف يذكرني هذا المريض دوماً بأن مهمة الطبيب أولاً وقبل كل شيء هي الإحساس بمعاناة المريض وبالتعاطف معه ثم محاولة حل مشكلته ومعالجته ..



رسالة إلى العم علي :

أنا آسفة , أنا آسفة , أنا آسفة ..
أتمنى أن تشفى وتكون بخير قريباً ..




رسالة إلى ابن العم علي :

والدك كان مسعتداً لكي يضحي بحياته من أجلك فلا تنسى هذا ما حييت واجعل من نفسك أهلاً لهذه التضحية ..



رسالة إلى أبي :

أحبك جداً والله , أحبك جداً ..




-انتهى-



السبت، 22 سبتمبر 2012

مسودة الكتاب ..!


,
.




هذه هي مسودة الكتاب الذي سيظهر للنور قريباً ..
أشعر برهبة عندما أفكر أني سأترك صغيري لوحدة ليواجه هذا العالم الشاسع ولكني موقنة أنه سينجح لأنه مكلل بدعوات الأحباء والأصدقاء ..!

سأدرج أخباره هنا وفي كل مكان إذا جد جديد ..

ممتنة لكل من سأل ..






الخميس، 20 سبتمبر 2012

عطرك الهدية ..!



,
.








طفلتكَ الصغيرة التي كنتَ تحملها على عنقك وتدور بها وأنتَ تضحك ، طفلتكَ الصغيرة تلك كبرت ، كبرت جداً ، وما عادت تضحك ..!




.،،.




زفاف ابنتي ، والكون كله لأجلها يضحك ، وفي قلبي الصامت حزن أحمق لفراقها ، ابنتي الصغيرة التي ألقمتها الحب في المهد سيأخذها مني رجل آخر ، ربما سيحبها ، ولكنه لن يحبها قط كما أفعل ..!




.،،.




لا زلتُ أذكر الهمسة الرقيقة التي علقتها بالقرب من أذني وأنتَ تبتسم ، قلتَ لي ..
- أنا سأتزوج وأنتِ سترتدين الحجاب ، ستصبحين امرأة جميلة جداً ..
وكدتُ أن أبكي ثم تعلقتُ بك ورفضتُ أن أتركك فقلتَ لي أنك ستهديني هدية أخيرة ، ولكن هذه المرة ستكون هدية تليق بالفتاة الجميلة التي أصبحتها ولا تليق بالطفلة التي كنتها ..
وكانت الهدية هذا العطر العميق ، العطر ذاته الذي لم أضع على جسدي غيره منذ أن عرفته ، العطر ذاته سأهديه ابنتكَ في زواجها هذه الليلة وأنا حامل بطفلي الأول ..




.،،.




قالت لي زوجتي بعجب أن ابنة عمي قدمت عطر كهدية لابنتي !
انقبض قلبي وأنا أراها تقلب العطر بين يديها وتسخر من هذه الهدية المتواضعة ، كانت تقول أن الهدايا التي جاءتنا غالية الثمن إلا هذ العطر البسيط ، هي لم تعرف أن العطر كان هدية لي وليس لابنتي ، ولم تكن تعرف أني اكتشفتُ في هذه اللحظة أنه أثمن من كل شي في هذه الدنيا ..!




.،،.




الزفاف الصاخب انتهى وتركني زوجي لأقضي الليلة مع أهلي في بيت جدي ، وهناك تقابلنا ..
للوهلة الأولى ظننتُ أني مخطئة ولكن العطر الذي أخرجتَه من جيبك وأنتَ تنظر لي جعلني انتفض من مكاني وأتبعك إلى المجلس الخارجي ..
- ماذا تريد ؟
قلتها وأنا أرتجف فرددتَ وأنت تبتسم بلين ..
- كبرتِ !
- كبرتُ منذ اللحظة التي اهديتني فيها هذا العطر ..
- كنتُ أعتقد أنني أحبكِ كابنتي ..
- كنتُ أعلم أني أحبكَ ليس كأبي ..!
- ولكن مضى الزمان ..
- لن يتغير شيء الآن ..
قلتُ هذا وأومأتُ مبتسمة ثم انصرفت ..



.،،.



فجر اليوم التالي طفلتي الجميلة أحضرت إلى الدنيا صبياً جميلاً مثلها قالوا لي أنها اسمته باسمي وعندما سألتُ عن السبب قالوا أنها تقول أنها تريد أن يكون ابنها مبارك مثلي ، وطيب مثلي ، ورقيق مع الكل مثلي ..!

هكذا كسرتني طفلتي ..!



.،،.




الأحد، 25 مارس 2012

الأماني المُعلّـقة ..!

,
.





عندما كانت الأمنيات - أمنياتنا - سلسة كالطفولة كان من السهل علينا أن نتخيل سلّم حبٍ صاعد إلى السماء نتسلقه كل ليلة ونتخيّر قبل ذلك بريق نجمةٍ نعلق عليها الأماني ونهبط نتضاحك حيث أرضُ البشر وكأنها لا تعنينا ، نتبادل ابتسامات تقول أن "الموعد غداً" ثم نفترق ..!


~*~


ثم تدور الدنيا وينكرنا اللقاء وتأتي ليلة شديدةُ القتامة شديدةُ الصمت شديدةُ البكاء ، ونتقابل في جوف الظلام تحدُّنا الرهبة من كل الجهات ونبحث عن نجمة أو بريقها فلا نجد ، نلتصق بنا ونبحث في قلوبنا عن البريق الذي اختفى ولا نفترق ..
ويأتينا صوتٌ من بعيد " النجوم انطفأت وهذا هو اللقاء الأخير "


~*~


كلُ الأماني الصامتة التي لا يعرفها أحد لو صعدتُ إلى السماء لوجدتٌها هناك ..
كل ليلة قبل أن أغمض عيني أتخيل البقعة الطيبة المعزولة عن العالم التي أخفت أسرارنا عن الدنيا ، أتخيلها وقد بادت ، ربما غادرت إلى أرض أخرى وربما استغلها أحدهم وبنى عليها مسكنه وربما اتخذها الأموات مقبرة لهم وربما بعد كل هذا الزمن لا زالت كما أفعل أنا " ننتظرك "


~*~


سامح الله الود القديم ، لو يعتقني فقط ، لو يسقطني من زمرة الأوفياء ، لو يعلقني بنجمة وينساني ، لو تخونني الذاكرة يوم واحد فقط ، لما كان البؤس حالي !


~*~


القبلة الأخيرة التي أودعتها قلبي ، والدمعة الأخيرة التي مسحتها من على وجهي بيد ترتجف ، والابتسامة الأخيرة التي ألحقتها بالوداع الميت ، والانكسار الأخير الذي تبع رحيلك ، والشهاب الساقط من السماء غير قريب ، هذا المشهد الأخير أُلملِمُه بحذر وكأني أخشى أن يبتلعني ثم أرفقه بالابتهالات إلى السماء ..
يا ربي هذه أمنية أخرى 
، أريدُ أن أنسى !



~*~


بالرغم من الأشجان التي تنامت في روحي منذ أن رحلتَ ، وبالرغم من شدة وطأة الفراق والكره الذي يأخذني على حين غرة تجاهك ، وبالرغم من الألم الذي يستغل وهني حين أشتاق إليك ، بالرغم من كل هذا أنا أسامحك ..
هه ، وكأنك تعرف !


~*~


الحنين يقتل ، والحزن يقتل ، والأماني العاجزة تقتل ، والبعد عنك يقتل ، ومع هذا ، أنا لا زلت حية !
الحُمق الذي يدفعني لانتظارك بذل يقتل أيضاً .. !


~*~


البقعة ذاتها التي ضمت الود القديم ، سأقصدها يوماً ما ، سأنتهي منك هناك ، سأترك أمنية واحدة ورائي : أن لا أراك أبداً ، ثم سأعلق لوحة كبيرة جداً وسأكتب عليها " أرض للحب ، وللبيع " وسأمضي ..
وقد لا أفعل أي من هذا ، ربما سأقصدها لأرتبها وأزيل ما علق بها من أذى السنين الراحلة وأجدد العهد بيننا ولن أمضي !


~*~


والأمنية ذاتها التي ما فتئتُ أعلقها على النجوم كل ليلة منذ رحيلك لا زلتُ حتى هذه الليلة أتمناها بذات الحزن وبذات الصدق وبذات العشق ، قلتَ لي في اللقاء الأخير أن الموعد الجنة ، وكانت هذه هي أمنيتي الأبدية التي لن تنطفئ كما انطفأ كل شيء " أن يجعل الله موعدنا الجنة "


~*~


يارب الأماني ...........


~*~